أوراسُ، أعرفُ أنّ المشتكى جللُ لكنْ أعزيكَ، فاصبرْ أيها الجبلُ
أوراسُ، دعه قليلا.. إنه تعِبٌ ولم ينم سنةً.. حتى أتى الأجلُ
مشى طويلا.. وأعيى الدرب نبضتهُ وآن أن يستريحَ القائد البطلُ
أبو الجزائر هذا، عاش يَحْمِلُها حمْلَ الفتى أمَّهُ، ما مسّهُ كللُ
يمسّحُ الدمعَ عن عينيه إن هملتْ سرّا، ويكتمُ ما يلقى ويحتملُ
وينزع الشوكَ من رِجليه مصطبِرا على الطريق، ولا يدري متى يصلُ
قضى ثمانين عاما، ثمّ غاب كما تغيبُ شمسٌ.. وكالأقمار إن أفلوا
هذي الجزائرَ كالصبيان تسألني أمات حقا ؟ أحقا ماتَ يا رجلُ؟
وتُمسك الثوب ثوبي كاليتيمة في حزن وتسأل كالأيتام إن سألوا:
قل إنه لم يمتْ.. أو إنه مثلا عنّي بأمرٍ لأجلي الآنَ منشغِلُ
ألن يقول خطابا مثل عادتهِ يُطَمْئِنُ الشعبَ فيه وهو منفعلُ ؟
أم إنه غاب كي تشتاق ثُكْنَتُهُ إليه، والرايةُ الخضراءُ، والبِدَلُ
والعاشقونَ وإن ماتوا فإنهمُ لا يرحلونَ وإن همْ مثله رحلوا
أقول ماتَ.. وكأسُ الموت يشربها ذوو المقامات، والأبطال، والرسلُ
أوفى بما عاهد الرحمن - في قسمٍ - عليهُ، يشهد هذا الشعب والدولُ
ولم تسِلْ قطرةٌ حمراءُ من دمنا على دِما الشُّهَدا.. أو فوقَ ما بذلوا
لكي تظلّ كما كانتْ دماؤهمُ عُلْيا، وواضحةً، ما فوقها بَدَلُ
ماتَ الحكيمُ الذي ألقى عباءتهُ على الجزائرِ، والبلدان تشتعلُ
وإنه الآنَ في الأفلاك يعبُرها مع الملاكِ، إلى أخراهُ ينتقلُ