تفسير عطاء الخراساني هو كتاب في تفسير القرآن للتابعي عطاء الخراساني، وهو كتاب مفقود إلا بعض الأوراق منه، والصواب أن هذه الأوراق عبارة عن أقوال متفرقة، رواها محمد بن نصر الرملي بسنده إلى عطاء، وجمعها في أوراق مستقلة ثم نسبت إليه، فكان هذا التفسير.[1]
وقد اعتمد على ما هو شائع في ذلك الزمن، من الاعتماد في التفسير على كتاب الله، ثم سنة رسول الله، ثم أقوال الصحابة، ثم لغة العرب، ثم الاجتهاد والتأمل.
نسبة الكتاب لعطاء
نظرًا لتقدم عصر عطاء الخراساني، ولكون عصره سابقا عصر التدوين فلم يكن له مؤلفات تذكر، مع أن بعض المؤرخين نسبوا إليه كتابًا في التفسير، وهو مفقود إلا بعض أوراقه، وقد قام حكمت بشير ياسين بتحقيق هذه الأوراق، وهي وإن نسبت إليه إلا أن الصواب أنها أقوال متفرقة، رواها محمد بن نصر الرملي بسنده إلى عطاء، وجمعها في أوراق مستقلة ثم نسبت إليه، فكان هذا التفسير.
وعلى كل فقد كان عطاء إماما جليلا، عالما متمكنا في القرآن الكريم وغيره، وزخرت كتب التراث التي اعتنت بالمأثور من التفسير والآثار بأقواله المختلفة، فظهر أثره بجلاء في تلك الكتب، فلا تكاد ترى كتابا من تلك الكتب إلا وله روايات ومرويات، وأقوال في كثير من الفنون.[1]
مميزات تفسيره
الصفحة الأولى
الصفحة الأخيرة
مخطوط "الجزء فيه تفسير القرآن ليحيي بن يمان وتفسير لنافع بن أبي نعيم القارئ وتفسير لمسلم بن خالد وتفسير عطاء الخراساني"، جمعه أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الترمذي الشافعي، نسخة محفوظة في المكتبة الظاهرية بدمشق، نُسخت سنة 456 هـ.[2]
روى الماوردي في النكت والعيون، وابن الضُّرَيسِ في فضائل القرآن،[4] عن عطاء الخراساني أثرًا طويلًا يبين فيهِ ترتيب السور من حيث نزولها، وبيّن السور المكيةوالسور المدنية، بالرغم من أن هذا الأثر يختلف عن الروايات الأشهر في ترتيب السور، حيث ذكر أن أول السور نزولًا هي سورة الفاتحة، والأشهر أنها سورة العلق، وغير ذلك من الاختلافات.[3] وقد ذكر ابن عاشور أنه قد يكون هذا الترتيب حسب أول سورة نزلت كاملة أي غير منجمة.[5]
مصادره
إن شأن تفسير عطاء الخراساني شأن تفسير تلك الحقبة الزمنية التي عاشها، فقد كان اعتماد التفسير في ذلك العصر على المصادر الآتية:
المصدر الأول: القرآن الكريم: مثال ذلك: قوله تعالى: {الخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لَلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} [النور:26]، قال عطاء: «الأعمال الخبيثة والكلام الخبيث للخبيثين من الناس، والطيبات للطيبين: فالأعمال الصالحة والكلام الطيب للطيبين {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ القَوْلِ...} [الحج:24]»، فهنا فسر آية سورة النور بآية سورة الحج.[6]
المصدر الثاني: السنة النبوية: مثال ذلك: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الوقعة:82]، قال عطاء: «كان ناس يمطرون، فيقولون: مطرنا بنوء كذا، مطرنا بنوء كذا»، فهذا تفسير منه بالسنة الصحيحة.[7]
المصدر الثالث: أقوال الصحابة: مثال ذلك: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج:36]، قال عطاء: البدن تصف وتشعر وهي قيام، وقول عطاء هنا هو وافق قول ابن عباس في رواية عنه.[8]
وهناك مصادر أخرى يعتمد عليها المفسر في تفسيره كلغة العرب، والإسرائيليات، ثم لم يستطع أن يفسر بشيء من ذلك أعمل فكره وتأمله، واجتهد في الوصول إلى رأي صحيح.
منهجه
من المعلوم أن لكل عالم منهجه وطريقته في التفسير، وأسلوبه الذي يتميز به، فمن العلماء من يميل إلى التفسير بالأثر، ومنهم من يميل إلى الرأي، ومنهم من يجمع بين ذا وذاك، وبعضهم يميل إلى التركيز على آي الأحكام، وبعضهم إلى اللغة، وبعضهم إلى البلاغة، وغير ذلك من الاتجاهات.
والحق أن عطاء جمع بين كثير من ذلك، ولا غرو فهو المفسر المحدث الفقيه اللغوي، وإن كان الجانب اللغوي قد صبع أكثر تفسيره.
وكان له عناية بأسباب النزول، وعلوم القرآن، وعناية بآيات الأحكام، بيان غريب القرآن، كما كان له انفرادات ببعض الأقوال، مما يدل على أنه كان له اجتهاداته الخاصة، واستقلاليته في تفكيره.[9]
مروياته في كتب التفسير الأخرى
إن عطاء الخراساني عَلَم من أعلام التفسير في عصر التابعين، وقد تتلمذ على يديه كثير من أهل عصره، ونقل عنه جمع منهم، كما نقل عنه أغلب مفسري القرآن، كابن جرير الطبري، وابن أبي حاتم، وابن كثير، والسيوطي، وغيرهم. وقد جمع بعض الباحثين أقواله من كتب التفسير، فبلغت (495) أربعمائة وخمسة وتسعين قولًا في جميع سور القرآن.[9]
قام الباحثان: سلطان العتيبي، ومحمد الصاوي بدراسة وافية عن عطاء الخراساني، وجمعا أقواله في كتب التفسير، في رسائل جامعية، نال عليها درجة الماجستير من جامعة أم القرآن.