فخورة بماضيها المجيد والمزدهر، ذات المعالم الأندلسية متأصلة في المغرب الإسلامي الكبير، وصاحبة المواقع الطبيعية الخلابة هي «مدينة الفن والتاريخ» كما كان يسميها جورج مارصي. التي تلقب بـ لؤلؤة المغرب الكبير، وجوهرة الغرب الجزائري. وبكثرة ما فيها من المباني الفنية الرائعة الخالدة، وبماضيها الفكري والثقافي والسياسي المجيد.
تقع المدينة داخل مزارع الكروموالزيتون، كما تشتهر بصناعة الجلود، والزرابي وصناعة المنسوجات. وجعلت منها كل هاته التأثيرات تتربع على قمة المناطق السياحية في الجزائر.
من 790 إلى 1554، أي لما يقرب من ثمانية قرون، مع فترة فاصلة في نهاية القرن الرابع عشر وبداية القرن الخامس عشر، كانت تلمسان خاضعة للنفوذ المغربي. قبل الغزو التركي عام 1553 (أو 1555)، شهدت تلمسان أربع فترات مغربية: الفترة الإدريسية (790-931) والفترة المرابطية (1078-1143) والفترة الموحدية (1143-1236) ثم الفترة المرينية (1337-1358).
وقد تمت أسلمة تلمسان في نهاية القرن الثاني عشر قبل أن تصبح لمدة قصيرة جدا مركزا لإمارة خارجية بقيادة أبو قرة. وفي القرن التالي، أصبحت المدينة تحت سيطرة الأدارسة في فاس، مؤسسي الدولة المغربية الأولى. وكانت فترة الأدارسة، التي استمرت 139 سنة، أي من 790 إلى 931، أول حلقة في الوجود المغربي.
في سنة 931، طرد الأدارسة من تلمسان من قبل الفاطميين الذين احتفظوا بالمدينة لمدة 24 عاما، حتى سنة 955، عندما استولى الخليفة الأموي بقرطبة، عبد الرحمن الثالث، على المدينة التي عهد بها إلى اليفرني يحيى بن محمد. وبعد فترة وجيزة قُتل هذا الأخير على يد الفاطميين.
بعد ذلك، بدأ قرن من الفوضى التي استمرت حتى عام 1078، وهو تاريخ وصول المرابطين الذين شكلوا الفترة المغربية الثانية لتلمسان، واحتلوا المدينة حتى عام 1146. وكان المرابطون هم من بنوا قلب المدينة الحالي وبنوا الجامع الكبير هناك بأمر من علي بن يوسف (1083-1143). في عهد المرابطين، أصبحت تلمسان العاصمة الثانية للإمبراطورية المغربية بعد مراكش.
وبدأت الفترة المغربية الثالثة عام 1143 (أو 1144 أو 1145)، عندما استولى السلطان الموحدي عبد المؤمن (1130-1163) على تلمسان. عهد الموحدون بالمدينة إلى ولاة من قبيلة الزيانيين (أو بنو عبد الواد) البربرية. في عام 1236، أعلن الوالي يغمراسن بن زيان (1236-1283) استقلاله عن المغرب وأسس مملكة ظلت سلالته تحكمها حتى الفتح التركي. [1]
التسمية
الاشراف الامراء السليمانيين الذين حكموا تلمسان في زمن الادارسة ابتداءاً من سنة 814م …هم الذين اطلقوا على المدينة اسم تل ميسان - أو تل النجوم
• تعود أصول تسمية المدينة الى الاشراف الامراء السليمانيين الذين حكموا تلمسان في زمن الادارسة ابتداءاً من سنة 814م الذين اطلقوا على المدينة اسم تلمسان نسبة الى (تل ميسان ) الكلمة العربية التي تعني تل الزهور .
حسب يحيى بو عزيز: يتألف اسم تلمسان من كلمتين بربريتين هما «تلم»[ا] ومعناها تجمع و«سان» ومعناها «اثنان» لكونها جمعت بين مدينتيا تقرارات التي أسسها يوسف بن تاشفينوأكادير التي أسسها أبو قرة اليفريني على أنقاض بوماريا[11] في حين توجد رواية فرعية حيت تجمع البحر واليابسة أو التل والصحراء[12]
أما جورج مارصي فيعتقد بأن اسم تلمسان (من الأمازيغية تالا يمسان، ومعنى كلمة تالا عنده المنبع ويمسان وبمعني الجاف لتصبح كلمة تلمسان «المنبع الجاف» وهذه رواية غير ثابتة تاريخيا .
وقول يقول بأنها تحريف صيغة الجمع من تلمسين بكسر وسكون فكسر ومفرده تلماس ومعناه جيب ماء أو منبع فيكون اسم تلمسان بمعنى مدينة الينابيع [13]
ولم تحمل دائما تلمسان هذا الاسم بل كانت تسمى بومارياوأغادير ثم تقرارات كما كنت بعدة كنى منها الجدار ولؤلؤة المغرب الكبير.
العرب الفينقيين وبَنَوا فيها أصل المدينة القديمة وهي «أغادير»، أي القلعة. وأطلقوا على البلدة كلها اسم «تلمسان» أي الينابيع.
الرومان: وقد حكموا المدينة من بداية الربع الأخير من القرن الخامس الميلادي إلى عام 671م عند قدوم العرب المسلمين بقيادة عُقبة بن نافع.
منذ عام 671م وحتى نهاية الحكم الأموي وبداية الحكم العباسي ظلت تابعة للأمويينوالعباسيين.
بنو زناتة: وقد حكموها منذ بدايات القرن الثامن الميلادي حتى نهاياته تقريباً.. حينما انشقّوا عن العباسيين مع حركة انشقاق الخوارج في المشرق... وذلك بقيادة زعيمهم «أبو قرّة» من «بني يفرن» وهي فخذ من قبائل زناتة.
الأدارسة: قدموا من فاس بالمغرب الأقصى، وفتحوا تلمسان بالمصالحة مع زعيم قبائل زناتة، وظلوا يحكمون تلمسان طيلة القرن التاسع الميلادي واليوم يتواجد الادارسة على شكل قبائل متواجدة في منطقة تلمسان
المرابطون: وهم قبائل من كدالة جنوب موريتانيا أسّسوا عاصمتهم مراكش حاصروا المدينة عام 1079م بزعامة «يوسف بن تاشفين» وفتحوها وبَنَوا فيها ضاحية «تاغرارت»، ومن أبرز معالمهم مسجد تلمسان الكبير.
بنو عبد الواد: استخدمهم الموحِّدون للحفاظ على تلمسان، إلاّ أن شوكتهم قد قويت فيها، وعلا شأنهم حينما استطاعوا أن يصدّوا قبائل (بني غانية الطامعة في تلمسان)، فما كان من الخليفة الموحِّدي بالمغرب الأقصى إلاّ أن كافأ زعيمهم بتعيينه حاكماً له. واستمر حكم بني عبد الواد لتلمسان ثلاثة قرون، ابتداء من القرن الثالث عشر الميلادي إلى نهايات القرن الخامس عشر.
المرينيون: القادمون من المغرب الأقصى وقد حاصروا تلمسان سبع سنوات ابتداء من عام 1299هـ بقيادة زعيمهم السلطان المريني «أبو يعقوب» ولم يرفع الحصار عن المدينة إلاّ بموته، إلا أن المرينيين قد بَنَوا خارج أسوار المدينة القديمة مدينةً جديدة أطلقوا عليها اسم «المنصورة». وقد عاد المرينيون مرة ثانية لحصار تلمسان بقيادة أبي الحسن المريني ففتحوها ودام حكمهم لها إحدى عشرة سنة.
فترة الدولة العثمانية: وقد خضعت تلمسان للعثمانيين منذ عام 1555م بعد أن كان قد فتحها القائد العثماني «بابا عروج» الذي استنصر به «أبو زيان» من بني عبد الواد على عمه «أبو حمد الثالث» الذي انتزع منه الحكم.
الاحتلال الفرنسي لم يَدُم حكم الأمير عبد القادر طويلاً لتلمسان، إذ إن الفرنسيين سرعان ما عادوا فاحتلّوا المدينة من جديد وبَنَوا بها مركزاً عسكرياً في حي «المشور»، واستمرت سيطرتهم عليها إلى عام 1962م حين استقلت الجزائر.
لمدينة تلمسان الكثير من المعالم والمراكز السياحية لعل أهمها قصر المشور ومنصورة إضافة موقع لالا ستي ومسجد لالاستي وفيه ضريح السيدة: "فاطمة بنت عيسى بن عبد القادر الجيلاني".[14]
^، تاريخ ابن خلدون المسمى «ديوان المبتدأ» و الخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر. عبد الرحمن بن خلدون. دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. بيروت، لبنان. 2000 م. جزء 7 ص 3
^Recueil des notices et mémoires de la Société archéologique de la province de Constantine. Volume 16 1873-1874. Libraire-éditeur L.Arnolet. Constantine. 1874. P 131
^تاريخ ابن خلدون المسمى ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر. عبد الرحمن بن خلدون. دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. بيروت ، لبنان. 2000 م. جزء 7 ص 102
^باقة السّوسان في التعريف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة بني زيان. الحاج محمد بن رمضان شاوش. ديوان المطبوعات الجامعية 2011 م. ج 1 .ص 43.
^تاريخ الجزائر في القديم والحديث. مبارك الميلي. تقديم وتصحيح محمد الميلي. المؤسسة الوطنية للكتاب، دار الغرب الإسلامي، بيروت. الطبعة الثالثة 1989 م. ج2 ص 445
^تلمسان عاصمة المغرب الأوسط. يحي بوعزيز. وزارة الثقافة، الطباعة الشعبية للجيش. الجزائر. 2007 م. ص 15.
^م/ الضريح هذا ينسب للسيدة العلوية الشريفة فاطمة بنت عيسى بن الإمام عبدالقادر الجيلاني رحمه الله!وكان والدها سكن مصر ومات فيها وهي تزوجت رجل من الصالحين في بلاد المغرب الأوسط وتوفت فيها .أنظر : كتاب أصول التاريخ والأدب تأليف العلامة الدكتور مصطفى جواد ، المجمع العلمي العراقي ج34 ص 184