قصر برزان قصر تاريخي يقع في مدينة حائل شمال الجزيرة العربية وهو قصر الحكم لعائلة آل علي ومن بعدهم لعائلة آل رشيد. سمي برزان لبروزه عن المباني في ذلك الوقت. القصر لم يتبق منه إلا البرجين الذين كانا يحيطان به وكان قصر برزان بارتفاع 70 قدماً.[2] بني القصر قرابة عام 1808م، بواسطة الأمير محمد بن عبد المحسن آل علي[3]، ثاني حكام أسرة آل علي في حائل. على مساحة تتجاوز 300 ألف متر مربع. ويتكون القصر من ثلاثة طوابق، وتتوزع في الطابق الأرضي كل من المجالس وصالونات الاستقبال والحدائق بالإضافة إلى المطابخ. وفي الطابق الثاني غرف ضيوف الدولة، وفي الطابق الثالث تسكن الأسرة الحاكمة.
عندما أسقط عبد الله العلي الرشيد وأخوه عبيد حكم آل علي عام 1834م، قررا اتخاذ قصر برزان مقرًا للإمارة ومركزا جديدًا لمدينة حائل. أعيد بناء بعض أجزاءه وتم إصلاحه من جديد خلال فترة وجيزة، فأصبح مقرًا لمركز الحكم، ومسكنًا لأسرة آل رشيد الحاكمة.
وظل القصر على تعاقب الأجيال الحاكمة من أسرة آل رشيد مركز إدارة البلد، وفي عهد الأمير طلال بن عبد الله بن علي الرشيد (الحاكم الثاني 1847 - 1866)، بُنيت في باحته وبجوارها المزيد من الدكاكين والمحلات والورش الحرفية والصناعية، وفي عهد الأمير محمد بن عبد الله بن علي الرشيد (الحاكم الخامس 1873 - 1897) تم توسيع ميدان برزان والسوق وبناء جامع برزان الكبير، وذلك أتى متزامنًا مع بناء سور ضخم حول المدينة.[4]
الرحالة آن بلنت تصف القصر
زارت الرحالة آن بلنت حائل في عهد الأمير محمد بن عبد الله بن علي الرشيد الذي استقبلها في قصر برزان وتركت نصًا تصف فيه دخولها حائل واستقبال الأمير لها، كما وصفت قصر برزان:" شاهدنا حائل فجأة تحت أقدامنا... وكان السور المحيط بالبلدة لا يتجاوزر ارتفاعه عشرة أقدام . كان المبنى الوحيد المرئي من الجميع هو تلك القلعة الكبيرة القريبة من مدخل المدينة، وهنا قال لنا راضي إن ذلك هو القصر، أو بالأحرى قصر ابن رشيد.
على الرغم من مشاغلي فأنا لايمكن أن أنسى مطلقًا ذلك الانطباع الحي الذي ارتسم داخلي، عندما دخلنا مدينة حائل، جراء الأناقة غير العادية للجدران والشوارع، التي أوحت لنا بجو خيالي وغير واقعي.
جاء استقبالنا على النحو الذي تمنيناه، وبينما كنا على ظهور خيولنا وندخل فناء القصر... مروا بنا في بداية الأمر من خلال مدخل مظلم، من الواضح أنه أنشئ أصلاً تلبية لمطلب من مطالب الدفاع، ثم مشينا بعد ذلك في مر مظلم، كان أحد جانبيه مكونًا من أعمدة، الأمر الذي ذكرنا بعض الشيء بمداخل بعض المعابد المصرية القديمة.
.. وانفتح الباب بعد ذلك، لنجد أنفسنا داخل قهوة كبيرة أو إن شئت فقل غرفة استقبال. كانت الغرفة أنيقة من حيث إنها تحتوي على صف مكون من خمسة أعمدة، ويقع في منتصف الغرفة، حاملاً السقف . كان قطر العمود الواحد يصل إلى حوالي أربعة أقدام، والأعمدة من النوع العادي البسيط، التي لكل واحد منها رأس مربع الشكل، ترتكز عليه رافدات الحمل. كانت الغرفة مضاءة بواسطة فتحات تهوية صغيرة مربعة الشكل قريبة من السقف، ومضاءة أيضًا بواسطة الباب،
... كانت الغرفة من الداخل مدهونة كلها باللون الأبيض أو بالأحرى اللون الأبيض المشوب باللون البني، وكانت الغرفة خالية من أي نوع من الأثاث على اختلاف أنواعه، ولم يكن في الغرفة أي نوع من أنواع التركيبات، اللهم باستثناء المشاجب الخشبيى التي تُعلّق عليها السيوف، وفي الغرفة أيضَا حلبة مقابلة للباب موضوع فوقها الهون الذي يستخدم في طحن البن، كما يوجد على الحلبة أيضًا وجار مقام في ركن من أركان الحلبة، جاهز لإعداد القهوة . كانت الغرفة مظلمة تمامًا، لكننا استطعنا تبين بعض العبيد، المشغولين بدلال القهوة حول النار".[5]
القصر في الشعر
ومن الأبيات التي نقلها محمد سعيد كمال (في الأزهار النادية من روائع البادية الجزء الثالث) عن برزان، هذه المقطوعة التي يحفظها أهالي حائل حتى الآن ويرددونها دائمًا:
تحول برزان في الوقت الحاضر إلى حي كامل يقع في مركز مدينة حائل الحديثة، غير أن ساحة القصر القديم ومكان القصر بالتحديد لا يزال حتى الآن ساحة مرصوفة وخالية.
^الحج إلى نجد الجزء الأول، آن بلنت، ترجمة : صبري محمد حسن، تقديم ومراجعة: رءوف عباس حامد، المركز القومي للترجمة، القاهرة، الطبعة الأولى، 2007م، ص 221-224
^شفت : رأيت. العث: شخص اسمه العث فاز بمناقصة الهدم من قبل الحكومة. يسعى بدمران: أي يسعى لتدميره وتخريبه. الدركتر: المقصود هو التراكتور أو آلة الهدم الثقيلة
^وردت هذه الأبيات في الأزهار النادية "المرجع السابق".
^السناعيس: لقب لقبيلة شمر. غدا: أصبح. السوافي: ما تحمله الريح من غبار.
^ابن ريشان هو صالح العبدالعزيز المحيفر من أهالي حائل ومن قبيلة شمر من عبده، وقد فرض على نفسه إقامة جبرية في منزله بعد أن هُدم قصر برزان، ويقول الشاعر أن صالح لم يخرج حتى لصلوات الأعياد حزناً وزهداً بعد سقوط حائل وتدمير رمزها الثقافي. وقد ذكره أيضا الشاعر محمد بن صليبيخ في قصيدة له كتبها بعد سقوط حائل، قال فيها: " خل الفخر والمدح لعقب ريشان.. عن حجّة الصعلوك حاضر بداره - اللي على عز السناعيس شفقان.. ولا أنت هيّن يا موارث جباره - من خوفته ينظر بالأعيان برزان.. ولا أنت هرجك مثل (...) عزارة"، وقد وردت هذه الأبيات في الأشعار النادية من روائع البادية الجزء 3 - ص 158.