سوق المِلْح أشهر أسواق صنعاء القديمة وأقدمها، واشتُهر بهذا الاسم كونه السوق الرئيسية للتوابلوالبهارات، غير أن المؤرخ ابو محمد أبو الحسن الهمداني أورد في كتابه «الإكليل» سببًا آخر للتسمية بأنه في الأصل سوق المُلَح (بضم الميم وفتح اللام) أي انه سوق كل ما هو جميل ومليح وحُصِّفَت التسمية لاحقا وصارت سوق المِلْح (بكسر الميم وسكون اللام).[1]
ويعتبر سوق صنعاء من أبرز الملامح التقليدية لمدينة صنعاء القديمة فهو من أسواق العرب المشهورة قبل الإسلام، ومما ساهم في تنشيط حركة السوق ورواج تجارته موقع مدينة صنعاء على طريق القوافل التي كانت تحضر أسواق العرب الموسمية قبل الإسلام، إضافة إلى كونه يقع على طريق الحجيج بعد الإسلام، فازدادت أهميته لذلك نجد له وصفاً عند الاخباريين (القرن الخامس الهجري ـ الحادي عشر الميلادي) في كتاب تاريخ صنعاء للرازي حيث ذكر وجود (23 سوقاً)، وكان موعد السوق بعد الانتهاء من سوق عدن، فكان العرب يأتونه بعد فراغهم من سوق عدن، ويستمر من نصف رمضان حتى أواخره، ويأتيه التجار بالقطنوالزعفرانوالأصباغ وغيرها، مما لا يوجد في السوق، ويشترون منه ما يريدون من البز(القماش)والحرير وغيرها مما هو موجود في السوق، ولم تكن الحركة التجارية متروكة لهوى أصحابها بل كان هناك قانون خاص يحدد الصورة التي يمكن التعامل بها في أسواق صنعاء، وأقدم قانون عُثر عليه يعود إلى سنة (1161 هجرية) صدر في عهد الإمام «القاسم عبد الله بن المتوكل أحمد» وقد شمل جميع أنواع التجارة والحرف الرفيعة والوضيعة من بيع وشراء ونقل وحمالة وأجورها إلى جانب تحديد معدلات الربح والمكاييل والمقاييس والعقاب والثواب.[2]
وفي عام 1763 زار سوق صنعاء المستشرق الألماني نيبور ووصف أزقته المتخصصة في بيع مختلف البضائع والمواد واستطاع أن يحصي أكثر من عشرين نوعاً من العنب. وذكر عالم الانثروبولوجياوالتر دوستال[3] في كتابه «سوق صنعاء» الذي صدر عام "1979"[4]، بأن خطة السوق الحالية هي نتيجة تغيرات بنائية ومكانية عبر التاريخ وتعكس تلبيته للحاجات المستحدثة وأنه كان يوجد بسوق بصنعاء حتى العام 1974، تسعة وأربعون سوقاً، وتسع وعشرون سمسرة ونزلاً للإقامة.[5]